Tuesday, April 23, 2013

الأطراف الصناعية و البديلة (البِدْلِيَّات) – (Prosthetics)


الأطراف الصناعية من أهم المجالات الواجب دراستها في العالم العربي، فطالما نحن في مشكلاتنا السياسية التي لا تنتهي و الحروب التي آلت على نفسها إلا ألّا تفارقنا، بالإضافة إلى آلاف الألغام المبعثرة على طول مئات الكيلومترات من الأرض العربية يحتم علينا كعرب الاستعداد لعواقب ذلك.
في واقع الأمر هناك محوران أساسيان نتحدث عنهما هنا: نقل و زراعة الأطراف بالتوازي مع الأطراف البديلة و الصناعية. أما نقل و زراعة الأطراف فقد سمعنا كيف تم نقل و زراعة قلوب و قرنيات و كلى و أكباد و الكثير من الأعضاء التي باتت اليوم مثل قطع الغيار تماماً! و مع ازدياد الطلب على هذه العمليات، صرنا نلاحظ ازدياد و إلحاح الطلب على وجود متبرعين لهذه الأعضاء، و نقل الأعضاء و زراعتها مرتبط بكثير من العوامل التي تحدد نجاحها مثل استعداد الطرف المستقبِل و تقبل جسمه للعضو المزروع. يرى العاملون في هذا المجال بأنه من المهم استثمار الوقت و الجهد و المال في هذا المجال، إذ أنه لا يمكن لأي جهاز مصنع مضاهاة الوظائف و الدقة و التحكم بالمقارنة مع العضو الطبيعي. اليوم نسمع عن زراعة أياد و كلام عن زراعة وجوه كاملة و مستوى جديد تماماً يتعدى مفاهيمنا التقليدية عن زراعة الأعضاء.
و لأن الزراعة لم تصل إلى حد استبدال الأطراف الصناعية بشكل كامل نجد أن هناك تطويراً دائماً لعلم الأطراف الصناعية. فهو ليس علماً جديداً، لكن الجديد فيه هو حجم العلوم التي دخلت على هذا الخط و التقدم الحتمي الذي نجم عن دخولها. الأذرع و الأرجل الصناعية سبقت النقل و الزراعة بكثير فكان من الطبيعي أن تكون أساليب صناعتها و ملائمتها و استخدامها نضجت بشكل أكبر من حيث المبدأ و التطبيق. و إذا تساءلنا عن تاريخ و بدايات هذا العلم، فليس أبلغ كلاماً من الصور:
Photobucket
فهذه الصورة تمثل قدماً صناعية قديمة تعود إلى مئات السنين ما قبل الميلاد!
مرت هذه الأطراف بالعديد من مراحل التطور و التحويل. كلنا نتذكر الأشكال الملفتة للصغار و هم متسمرون أمام شاشة التلفزيون عند عرض فيلم أو مسلسل كرتون عن القراصنة. و كلنا نتذكر الشخصية الكرتونية للقرصان…
Photobucket
نعم إنه القرصان جون سلفر من جزيرة الكنز، و هو لا يزال يسمى أسطورة الساق الخشبية في الكثير من المنتديات العربية على الإنترنت.
Photobucket
تلك الجاذبية الخاصة لهذه الشخصية و التي لاقت الكثير من الاستحسان منا وقت كنا أطفال. قرصان شجاع و يقوم بما لا يقدر عليه شديد البحارين و هم بساقين! و القراصنة بشكل عام معروفون باستخدام أساليب مبتكرة بتوظيف أدوات غريبة لتحل محل أطرافهم المبتورة. و إذا كانت قطعة من الخشب و عكاز حلت مشكلتهم في ساق مبتورة، فقد حلّو مشكلة اليد المقطوعة بخطاف حديدي!
Photobucket
حتى الفرسان و البحارة فلم يكونوا أوفر حظاً!
PhotobucketPhotobucket
حتى الحيوانات لها من الحب جانب! فالصورة التالية تبين حصانا يسير على ساق بديلة…
Photobucket
و بتطور العلم و التكنولوجيا صرنا نلاحظ العديد من المعادن التي بدأت تستبدل الخشب و الحديد التقليديات. صرنا نلاحظ مواداً غير قابلة للصدأ تدخل على الخط، صرنا نلاحظ دخول التينانيوم (Titanium) و الألومنيوم (Aluminum). صرنا كذلك نلاحظ دخول اللدائن (Plastic) و المطاط و مواد مثل البيلون (Pylon) و المَكْثُوْرات (المبلمرات – Polymers) من مثل عديد الإيثيلين (Polyethylene)، عديد البروبيلين (Polypropylene)، الأكريليك (Acrylics) و عديد اليوريثين (Polyurethane). هذه المواد كانت على درجة من الرواج و الفعالية لدرجة أنها استبدلت صوف جوارب السيقان الصناعية التي كانت تستخدم في السابق لتحل محلها. طبعاً الأمر بديهي باعتبار أن المكثورات تصنع من النفط.من الأمثلة المهمة على استخدام عديد اليوريثين هو استخدامه كرغوة قابلة للتشكيل و تشكيلها على شكل العضو المبتور. و اليوم تساعد برامج التصميم بمساعدة الحاسوب (Computer Aided Design - CAD) في هذه المهمة بشكل كبير.
اليوم نحن في مستوى آخر عن ذلك التاريخ. اليوم نحن نستخدم الإلكترونيات و التحكم في الآليات الكبيرة و الصغيرة و البسيط منها و المعقد. بما اننا قادرون على ذلك، لم لا نستعمل هذه التكنولوجيا في مجال الأعضاء المبتورة؟ و بالفعل نحن نفعل ذلك. إلا أن هناك قضايا يجب وضعها في الحسبان.
إذا نظرنا إلى كيف تعمل آلية الحركة في جسم الإنسان فإننا يمكن لنا إيجازها كما يلي:
  1. الدماغ يرسل سيالاً عصبياً إلى العضلة الهدف المراد تحريكها.
  2. الحبل العصبي و شبكة من الأعصاب نتقل هذه الإشارة إلى العضلة الهدف.
  3. تنقبض العضلة الهدف مستندة على العظام التي نتزلق بدورها على الغضاريف.
إذا حدث أي خلل أثناء هذه العملية سواء بعدم اكتمالها إلى آخرها أو بغياب الطرف المتسبِّب بها أو المنفعِل بها فإن العملية تفشل أو لا تتم كما ينبغي.
معظم مبتروي الأطراف تتوقف عندهم العملية عند النقطة رقم (3). المطلوب هنا عضلة من شكل معين و طريقة للسيطرة على حركتها. إذا أردنا دراسة ذراع مثلاً، فيجب علينا أن نتذكر أن فيها من المتحسسات و المحركات و آليات الاستجابة مما يُعجَز عنه حقاً. هذا العمل المعجز يوجب علينا تسبيح الخالق في شدة تعقيدها و قدرتها الفريدة على أداء وظيفتها. فمن بعض ما يجب دراسته عن الذراع الطبيعية و الواجب إسقاطه على الصناعية مثلاً:
  • الحركة في اتساعات و زوايا محددة تقدم أفضل أداء لللإنسان. إذا أردت تحديد هذه الحسابات و الزوايا و تسارعات الحركة و الاستجابة الراجعة (Feedback) الواجب حسابها فلا بد من حاسوب ليساعدك على أدائها و إن كنت أشك في القدرة على حسابها كلها دفعة واحدة و بكامل الدقة دون اللجوء إلى حاسوب عملاق (Super Computer)!  و الشكل التالي ليس إلا حسابات يسيرة:
Photobucket
  • الذراع الطبيعية قادرة على الثبات على وضعها. فهي قادرة على تحمل الأوزان و الضغوط دون تغيير يذكر في مكانها و إن كانت تستدعي في تلك الحالات أنماط انقباض عضلية معيبة و ارتكازات على العظام محددة. قصة ليست سهلة بالتأكيد.
و ما يمكن إجماله عن عجز الساق الصناعية عن مضاهاته في الطبيعية ما يلي:
  • أحد القضايا التي يستحيل على الذراع الصناعية محاكاتها هو وجود ملايين النهايات العصبية القادرة على تحسس الضغط و الحرارة و الحكة و اللمس و هو ما يكاد يستحيل وجوده كله في ذراع صناعية مهما تقدمت.
  • أصعب ما يمكن أن تملكه الذراع البشرية و التي لا تملكها اليد الاصطناعية مثلاً هو قدرتها على إصلاح نفسها بنفسها في حال تعرضت لكسور بسيطة أو جروح أو خدوش. فهي قادرة على إصلاح نفسها بنفسها و دون مساعدة أحد!
  • هي كذلك فهي ذات مساعدة فعالة في نتظيم حرارة الجسم من خلال تعرق جلدها و قدرتها على اختزان المعذيات في تراكيبها! ناهيك عن قضايا نتظيم الضغط كذلك. سأي ذراع صناعية تلك التي تستطيع فعل ذلك؟
الأطراف الصناعية الحديثة يتم ربطها بالأعصاب البشرية و هي تستقبل الإشارة من النظام العصبي البشري. الإشارة تتم ملائمتها (Signal Conditioning) و إسقاط الحسابات اللازمة و إجراء المعالجة المطلوبة عليها (Processing) لترسل بعدها إلى محركات عالية الدقة (Servo) و التي تتقيد إلى درجة كبيرة بالمعلومات القادمة إليها من أجهزة ملائمة الإشارة.
الأمر الأكثر أهمية من إصدار الأوامر بالحركة هو الاستجابة الراجعة على القادمة من المتحسسات. بمعنى آخر إذا استطاعت الذراع الآلية الإمساك ببيضة دون كسر قشرتها أو مصافحة شخص دون إيذاء يده فهذا يعني أننا حققنا مرادنا. الكثير من التطوير منصب على هذه الخانة و الكثير من التقدم أحرز فعلاً في هذا المجال فالحساسات هنا هو جوهر الأمر كله! تتكلف حساسات مهمة الإخبار بالوصول إلى حد معين من الضغط و السيطرة و على المعالج في الذراع الصناعية التقرير.
بالنسبة لموضوع تحسس الضغط و الحرارة، فقد تمكن بعض الباحثين من "إعادة توصيل" (Rewire) بعض الأعصاب التي كانت تنتهي إلى الأطراف المبتورة إلى عضلات الصدر لتعمل كمضخم إشارة حيوي (Biological Amplifier)! تنقبض عضلات الصدر لدى إصدار أوامر الحركة لتستشعرها مجسات الطرف البديل و تستجيب لها تباعاً. ليست حلاً سحرياً جداً و لكنه يفترض بأنه يحل مشكلة! و سترى هذه التكنولوجيا بالتفصيل في الفيديو الثالث: (Cutting Edge Prosthetic Arms).
أحد المشكلات التي كانت مصاحباً دائماً للأذرع الآلية هو عدم قدرتها على الحصول على الطاقة من الجسم مباشرة (يجب علينا أن ننسى موضوع عمل العضلات على حرق سكر الجسم هنا فلدينا محركات كهربائية و معادن هنا). الطاقة التي تستمدها هذه الآذرع الآلية يتم من خلال بطاريات تشحن دورياً.
من أوائل الأذرع الناجحة التي ظهرت كانت هذه:
أما اليوم فتبدو الأذرع الصناعية اليوم:
و هذا تقرير عن أحدثها:
أما مستقبلها و بالنظر إلى حاضرها فلربما يبدو هكذا:
الأمر ليس بسهل و لكن علوم الهندسة الميكانيكية و الإلكترونية و معالجة الإشارة و الهندسة الآلية و الرياضيات و الطب تجتمع كلها في بوتقة واحدة و تنصهر هنا لتخرج لنا بهذا العلم الرفيع…و ما العلم الطيب إلا لرسم بسمة لا أكثر…
Photobucket

No comments:

Post a Comment